الشباب والتكنولوجيا: أوجه الاستفادة وسوء الاستخدام / الجزء الثاني
د . نصر الدين لعياضي :
أريد أن أعطي مثالاً بسيطاً، حتى نصوب حديثنا . هناك مجلة رائدة في الوطن العربي صدرت في مارس ،2009 ورئيس تحريرها كتب افتتاحية جلد فيها الشبكات الاجتماعية في الانترنت، ووصفها بالمختصر المفيد، بأنها رجس من عمل الشيطان، فاجتنبوه، وحينما نفتح المجلة، نجد أن كاتباً تحدث عن أن الفيسبوك استحدث منتدى لتدعيم أصدقاء هذه المجلة، وحتى أن لا تتحول هذه الجلسة إلى جلد الشباب واستخدامهم للانترنت، ونجد أن الشابات مضطرات للدفاع عن استخدام الانترنت، أعتقد أنه يجب أن نتوقف طويلاً حول كيف يستخدم الشباب الانترنت ولماذا يستخدمونه في دولة الإمارات؟
استناداً إلى بعض الإحصائيات، نجد أن من عشرة شباب، هناك تسعة لديهم خلفية عن اليوتيوب، وثلاثة من هؤلاء التسعة لديهم اشتراك في هذه الصفحة الالكترونية، وحين سؤالهم عن اشتراكهم في اليوتيوب، أجابوا بأنهم مستخدمون، وفي سؤال آخر عن الاستفادة، أجابوا بأنهم اكتشفوا شعراء ومغنين، وأنهم اندمجوا داخل إطار مجموعة من الشباب .
نأتي إلى الفيسبوك الذي تَعرَّف في نسخته العربية عام ،2009 والذي زاد عدد مستخدميه، لكن لو قارنا بينه وبين اليوتيوب، فسنجد أن عدد الشباب داخل دولة الإمارات الذين يستخدمون الفيسبوك حوالي 49%، ولو بحثنا لماذا يستخدمون الفيسبوك، فإننا سنخلص بأنه مملكة النرجسية، ومحاولة الكشف عن الذات، ونجد أن الكثير يقولون إن الفيسبوك مختبر كبير للكشف عن الأنا وذاتي، وهنا نفتح قوسين وهو أن هناك فهماً ساذجاً لمن يجد شباباً يستخدمون الانترنت ويقول إنه مضيعة للوقت، فهؤلاء الشباب إما يصنعون صداقة فعلية مع الأشخاص أو صداقة افتراضية تأتي عن طريق الانترنت .
بالنسبة للبلوغز، نجد أن الشابات أكثر استخداماً للبلوغز من البنين، لكن لماذا؟، لأن عدد مستخدمي البلوغز في دولة الإمارات أقل من عدد مستخدمي اليوتيوب والفيسبوك، لأن البلوغز يتطلب التعبير والكتابة . إذن التويتر هو أقل استخداماً من البلوغز، رغم أن التويتر هو التدوين المصغر، والمبدأ الأساسي الذي يقوم عليه التويتر هو 140 كلمة، والحديث لا يكفيه 140 كملة الموجودة في تويتر .
بناءً على هذه الممارسات، يمكننا التحدث عن توجهات استخدام التكنولوجيا دون أن ندين هذا الاستخدام .
د . بهجت اليوسف :
الملاحظات التي طرحها الدكتور نصر مهمة، ويفهم من حديثه أن أهم ما يمكن للشباب أن يستفيدوا منه هو التعبير عن النفس عبر استخدام التكنولوجيا، لكن سؤالي هنا للشابات: ما رأيكم في كيفية استفادة الشباب من التكنولوجيا؟
لمياء المعلا :
هناك برامج مختلفة عن الأخرى، ذلك أن اليوتيوب مثلاً نستطيع عن طريقه عرض أعمالنا صوتاً وصورة، والفيسبوك نستطيع أن نتواصل اجتماعياً عن طريقه .
حمدة عتيق :
يمكن بناء صداقات والتواصل مع الناس بدون عناء الالتقاء بهم، ثم إن استخدام أدوات التكنولوجيا فيه إيجابيات وفيه سلبيات، ومثلاً يمكن أن تضع الناس إنجازاتها على اليوتيوب، وعلى سبيل المثال في الكلية التي أدرس فيها، نضع على الفيسبوك أخبار قسمنا وكليتنا، وهذه ميزة إيجابية .
د . عبد الوهاب بو خنوفة :
التمثل الذي نحمله عن التكنولوجيا هو الذي يحدد استخدامنا لها، ومنذ قليل أشار أحد الإخوة إلى تفاجئه بأنه ليس هناك اهتمام في البحث الالكتروني على المكتبات، وفي الواقع هناك تصادم في التمثلات، إذ لدى الكبار تصور عن الانترنت بأنها وسيلة نحصل من خلالها على المعلومات والمعرفة، بينما هناك تصور آخر للشباب عن الانترنت، وهو أنه وسيلة من وسائل الاتصال وتعبير عن الذات، ولذلك حينما نجد أن الشباب منغمس في المشاركة بالشبكات الاجتماعية، نعتقد أن الشاب بصدد إضاعة الوقت، وأن الأجدى له الاستفادة من الانترنت في بحوثه، والسؤال الذي طرحته على نفسي هو لماذا ينجذب هؤلاء الشباب إلى هذه الوسائط بهذا الشكل؟ وحاولت أن أجد بعض الإجابات، بأن الشيء الأساسي في هذه التكنولوجيات بأنها تسمح للشباب بإمكانية التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بشكل ربما لا يسمح مجتمعنا بذلك، ولذلك هو يشكل تجاوزاً لثقافة موجودة في مجتمعاتنا العربية، لا تسمح للشباب في التعبير عن أنفسهم، وهم وجدوا في هذه التكنولوجيات الفضاء الذي يسمح لهم بالتعبير عن أفكارهم . ثم إن استخدام هذه التكنولوجيات ربما يكون للتغلب على بعض الاكتئاب الذي يتعرض له الشباب، وخصوصاً التحولات التي تعيشها الأسرة العربية، الناتجة إما عن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية أو عن الانفصال بين الأبوين . . إلخ، ولذلك تستخدم هذه الشبكات كوسيلة من وسائل التغلب على بعض المتاعب النفسية، وهناك شيء آخر وهو أن الأولياء لديهم تمثل إيجابي للانترنت، فهم الذين يشجعون أبناءهم لاقتناء هذه التكنولوجيات، لأنهم يعتقدون بأنها تمتلك مؤهلات تسمح لأبنائهم بتحسين مستواهم التعليمي والدراسي .
د . سامح خميس :
في السابق وحوالي في السبعينات كان يوجد ما يسمى هواة المراسلة وعن طريقها يتم التراسل والتعارف على أشخاص في دول مختلفة، لكن اليوم الفيسبوك واليوتيوب، مع التقدم التكنولوجي هو تحديث لما كان يحصل في السابق . ثمة من تحدث بأنه يمكن من خلال التكنولوجيا أن نصل إلى أشخاص عبر الواقع الافتراضي، باعتبار أننا لا نستطيع الوصول إليهم عبر الواقع الفعلي، وهذا صحيح، ذلك أن الفيسبوك أو البريد الالكتروني فتح افتراضية حديثة أستطيع أن أستخدمها كمنبر للتعبير عن رأيي .
أذكر في معرض جيتكس الأخير، أن إحدى الشركات عرضت منتجاً لإحدى الدول العربية، ألغت فيه الكتاب الدراسي، ووضعت جهاز كمبيوتر عليه كافة المناهج، والطالب يستطيع أن يكتب ملاحظات عن طريق هذه التكنولوجيا . اليوم لا توجد مدرسة أو جامعة في الإمارات ليس لديها مواقع الكترونية، حتى أن وزارة التربية والتعليم تنشر مناهج الصف الثاني عشر على سبيل المثال على موقعها الالكتروني، والطلاب يستطيعون الوصول إلى هذه المناهج من خلال الانترنت .
رشا مرتضى :
أود التأكيد على نقطة ذكرت كثيراً، وهي أهمية تحول الشباب الإماراتي والعربي بشكل عام، من مستخدمين للتكنولوجيا إلى منتجين لها، ليس بطريقة التعبير عن الرأي أو وضع محتوى، لكن إضافةً إلى ذلك، يمكن تحفيز الشباب على الإبداع التكنولوجي عبر الاستخدام الأمثل والأصح للتكنولوجيا، وأعتقد أنه لتهيئة الشباب الإماراتي فإن علينا أن نوجههم منذ المرحلة الابتدائية وليس فقط من المرحلة الجامعية
د . عبدالله التميمي :
وسائل التكنولوجيا اليوم من وجهة نظري لا تحمل الخير أو الشر، ونحن الذين نزرع فيها الخير ونزرع فيها الشر، وبالتالي فإن التكنولوجيا ليست في طبيعتها شريرة، وعلى مدار العصور كنا نتصور بأن كل وسائل التكنولوجيا مدمرة، سواء الصحافة أو الإذاعة أو التلفزيون والسينما، واليوم نتحدث عن التكنولوجيا بأنها يمكن أن تكون وسيلة من وسائل التدمير، لكن في اعتقادي أن من الجوانب الإيجابية التي استطاعت التكنولوجيا أن تخلقها في جيل الشباب، أنها أنهت العزلة بين الشاب وبين القراءة، وكم تحدثنا بأن الشباب العربي لا يقرأ الكتاب ولا الصحيفة، لكن التكنولوجيا الحديثة استطاعت أن تقدم الكتاب المقروء بطريقة الكترونية، فقد أصبحت الصحيفة اليوم الكترونية، ويمكن للشباب أن يقرأوا الكتاب والصحيفة عبر الانترنت .
ثم إننا نستطيع أن ننشر الفضيلة ومبادئ الإسلام والقيم والعادات والتقاليد عبر الانترنت، وأؤكد على النقطة التي طرحها الدكتور السيد، بأن التعليم أصبح مقترناً بالتكنولوجيا، وأنه يمكن التحدث والتفاعل بين الطالب والدكتور عبر التكنولوجيا، وهذه ميزة مهمة ويمكن عن طريقها تحقيق إيجابيات .
د . السيد بخيت :
هناك بعض الإيجابيات أو الانعكاسات الإيجابية لاستخدام التكنولوجيا في مجتمع الإمارات، منها أن شباب الإمارات أصبح له لغة جديدة في التواصل، فضلاً عن ذلك يمكن القول إن الانترنت وسيلة تمكين للشباب، فهي مصدر فخر بالنسبة لهم، مثل الحصول على معلومة جديدة، أو اقتناء موبايل جديد أو جهاز كمبيوتر جديد، ثم إن الشاب أصبح قائد معلومة وقائد رأي، وبخصوص الفتيات أصبح لهن وجود على الانترنت الذي مكنهن من التفاعل الافتراضي والتفاعل مع الناس وكسر حاجز الرقابة الأسرية .
معتصم الحمدان :
استوقفني قليلاً موضوع الفيسبوك مع أبنائي، فلدي خمس أبناء أكبرهم عمره 14 عاماً، وقد جاءني واحد من أبنائي في الثاني الابتدائي، قال لي إنه يريد أن يفتح حساباً على الفيسبوك، فأجبته بأن هناك وقت ليفتح حساباً حتى يكبر قليلاً، وتفاجأت بأنه يعمل على الفيسبوك في اليوم التالي لحديثي معه، وسألته عن كيفية فتح الحساب، فأجاب بأنه استعان بأخيه الأكبر منه، والحقيقة أعلم أن المنتديات هذه تستهلك الكثير من الوقت، وعلى صعيدي الشخصي أخشى من فتح حساب في الفيسبوك، لأنني أعلم بأنه يستهلك الكثير من الوقت، وأذكر أنني كنت مشرفاً على منتدى في الانترنت قبل ثلاث سنوات، وكان يأخذ من وقتي أكثر من ست ساعات يومياً .
النقطة التي أود الإشارة لها، وهي أن أعظم إيجابية في التعامل مع الانترنت هي توفير الوقت عند الشباب، فهؤلاء لديهم وقت كبير يمكن أن يقضوه في التفاعل مع الانترنت، لكن لو تم توجيههم إلى الاستخدام الإيجابي للانترنت، فإن هذا يشكل مكسباً مهماً يضاف لكل شاب .
د . سامح خميس :
ميزة استخدام الانترنت، أنها خلقت التفاعل الاجتماعي الالكتروني، فعلى سبيل المثال هناك قضايا لا يمكن التعليق عليها عبر الصحافة التقليدية، ولذلك نجد أن هناك مساحة جيدة للصحافة الالكترونية التي تشكل امتداداً للصحافة التقليدية، تمكن الناس من التعبير عن وجهات نظرهم، وإبراز آرائهم في التفاعل الالكتروني على الصفحات الالكترونية .
الاستخدام الإيجابي للتكنولوجيا يتلخص في ملاحظات كثيرة، منها على سبيل المثال أنه يمكن الوصول إلى أماكن معينة عن طريق التواصل عبر الموبايل أو المسج، وفي نفس الوقت تصل المعلومات بشكل سريع، سواء في إلغاء موعد أو تحديد موعد .
د . نصر الدين لعياضي :
أزعم أن النظر إلى ظاهرة معقدة مثل تفاعل الشباب مع الانترنت، من زاوية السلبيات والإيجابيات، هو محاولة لاختزالها واختصارها، لماذا؟ لأنها أصلاً معقدة، وقمت ببحث وانطلقت من تصور بأن الانترنت عامل يشجع على العزلة والانعزال، وحينما التقيت بالشباب، قالوا إنهم مندمجون في مجتمعاتهم، وبالتالي فإن التفكير في القضية المعقدة هذه تحمل نوعاً من المفارقة، هي تدمج وتفتت في نفس الوقت، أي تفتت المجموعات المندمجة، وتدمج المجموعات المتناظرة، وهناك الكثير من الباحثين يؤكدون بأن ما هو افتراضي هو أكثر واقعية من الواقع، لماذا؟ لأن الافتراضي هو امتداد لما هو واقعي، ومن لا يؤمن بهذا الكلام يمكنه الاضطلاع على ما يدور في المنتديات، فهناك شوفينية وطنية أكثر من اللازم، خاصةً في مناسبة كرة القدم وهذا نراه في المنتديات، ونجد ولاءات دينية وولاءات عرقية وولاءات سياسية، وهذه افتراضية، لكن هي موجودة في الواقع .
لمياء المعلا :
هناك بحث أقيم في المناطق الفقيرة التي لا تملك تكنولوجيا، هم أرسلوا كمبيوترات إلى تلك المناطق، وبدأوا يتابعون مدى تقبل الناس لهذه التكنولوجيا، ولاحظوا فضول الناس في التعامل مع الكمبيوتر . التواصل في الإمارات كان منذ فترات طويلة عبر الحمام الزاجل، لكن مع التطور التكنولوجي بدأ هذا التواصل يأخذ أشكالاً مختلفة، وصولاً إلى التواصل عبر الانترنت، وما يمكن أن يستفيد من خلاله الناس، حتى أن الكتب يمكن الحصول عليها بسهولة ومن خلال الانترنت .
الإيجابية الجيدة في استخدام التكنولوجيا على سبيل المثال، أننا في التفاعل على صفحة الفيسبوك، نستطيع كطلبة إعلام توصيل رأينا وإيصال أفكارنا إلى أكبر شريحة ممكنة من القراء والمتفاعلين معنا على هذه الصفحة، ولو كنا بحاجة إلى ممثلين أو إلى من يساعدنا فإنه من خلال التفاعل الاجتماعي الالكتروني يمكننا الحصول على المساعدة عبر هذه الصفحة، ثم إنه يمكننا القيام بحملاتنا عبر الانترنت الذي يساعدنا في دراساتنا .
د . بهجت اليوسف :
هناك اتفاق عام على أن هناك إيجابيات في استخدام التكنولوجيا، التي يمكن توظيفها في أوقات مناسبة، بحيث إن الإنسان هو الذي يختار الوقت في التعامل مع التكنولوجيا، هذا بالإضافة إلى الخدمات التي تقدمها التكنولوجيا في مساعدة الإنسان ضمن نطاق عمله أو أبحاثه ومشاريعه الدراسية والخاصة . دعونا الآن ننتقل إلى سلبيات استخدام التكنولوجيا .
لمياء المعلا :
أول سلبية واضحة ومنتشرة في الإمارات، هي لغة الانترنت، إذ اندمجت اللغة العربية والإنجليزية ضمن لغة مختلفة نسميها بلغة الانترنت، فحينما نكتب بالعربي أو الإنجليزي فإننا ندخل أرقام ولغات هجينة، وهذه تؤثر على لغتنا الأم في الجانب الطباعي على سبيل المثال . ثم إن سلبية التكنولوجيا أنها أخرجت الأسرة من حميميتها، وجعلت التفاعل الأسري في أحايين كثيرة تقوم على التفاعل عبر البلاك بيري والموبايل .
حمدة عتيق :
من السلبيات التي خلقتها التكنولوجيا هي لغة الانترنت أو الماسنجر، وهذه اللغة تقرأ بالعربية وتكتب بالإنجليزية مع وجود الأرقام، وهناك سلبية تتصل بقلة اهتمام الناس بالكتب المطبوعة، وهذا لاحظته في معرض اكسبو الشارقة، وهناك أيضاً من يلجأ إلى فك شفرات مواقع محظورة، ونحتاج الحقيقة إلى وعي عام يدعونا للاستخدام الإيجابي للتكنولوجيا .
د . السيد بخيت :
من سلبيات استخدام التكنولوجيا، أن هناك عدم وعي في التفاعل معها، ويجري التعامل مع مواد ممنوعة على سبيل المثال عبر الانترنت، كما أن هنا ثقافة الغوغليزم، أي أن كل شخص يمكن أن يقوم ببحث عبر غوغل وهذا يجعل الشباب نمطيين . فضلاً عن ذلك فإن رفقاء السوء لم يعودوا متواجدين في الحارات والشوارع، بل هم موجدون في كل مكان، هم موجدون في المنتديات ومواقع الدردشة .
ثم إن الانترنت يعطينا معلومات كثيرة، لكنها معلومات سطحية ومعلومات نمطية، وهي لا تنمي الحس النقدي ولا تساعد في غربلة المعلومات التي قد تكون كثيرة ومحيرة ومربكة، وهناك العنف والانتقام الالكتروني، وهذه تخلق مشاكل مثل إرسال صور إلى الجميع .
د . ريما الصبان :
نحن كمجتمعات عربية نحتاج إلى امتلاك التقنية والإبداع والتقدم فيها، ولو انطلقنا خصوصاً كأولياء أمور، نحن لم نطور آليات سهلة للتعامل مع أبنائنا في أبعاد مختلفة، وتأتي التكنولوجيا لتفرض نفسها على أماكن خطرة جداً، ولا تزال في مجتمعاتنا الصور الصعبة، مجتمعات غير الآمنة، الدعوة إلى الانتحار والقسوة والعنف، من خلال استخدام الانترنت، والتهديد أيضاً، مثل استخدام الصورة وتهديد الشباب، فضلاً عن نشر الكراهية وانتهاك الحقوق . هذه سلة كبيرة من المخاطر، ومع ذلك أقول إن علينا أن ننتبه ولا ننطلق من التخويف، لكن أن ننطلق من محاولة الفهم، وأن نعزز بدايةً ثقة أبنائنا بأنفسهم، وأن نعلمهم كيفية الاستخدام ونركز ونشجع على الاستخدام الجيد .
د . نصر الدين لعياضي :
هناك الكثير من الملاحظات التي قيلت بأنها سلبية، خيل لي بأنني سمعت عنها حينما كنا نتحدث عن التلفزيون قبل سنوات . إذن السلبيات هذه لا تزال تطاردنا إلى الآن، وأتذكر حينما كنت في عمر الشباب، وكنت أشاهد مسلسلات مصرية في زمن انفتاح السادات، هم كانوا في المسلسلات يستخدمون بعض المصطلحات الأجنبية، للدلالة على المنبت الاجتماعي، وهذه اللغة الهجينة هي أصلاً موجودة قبل الانترنت، وربما أعطاها هذا الانترنت بعداً آخر . حتى في مجتمعي بالجزائر، كنا في السابق نستهزئ من الأغاني التي تستعمل لهجات فرنسية في اللغة العربية نفسها، لكن الآن نلاحظ الكثير من اللغات نصفها عربي ونصفها فرنسي .
حتى لا نكتفي بلعن الظلام ونشعل شمعة، نطرح مجموعة من الأسئلة: نحن ندفع أبناءنا نحو استخدام التكنولوجيا، لكن هل زودناهم بسلاح لاستخدام هذه التكنولوجيا؟ وهل هناك توعية ودراسة لما هو الفرق بين ما هي التكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا التماثلية؟ هل نجلس مع أبنائنا ونناقشهم في القضايا المتعلقة بالانترنت؟ ما هي الأسر العربية التي تقوم بنظام رقابي على أجهزة الكمبيوتر العائلي؟ من يعرف الأبعاد الأمنية داخل الكمبيوتر وفي مواقع مختلفة؟ هل نحن ككبار نستخدم معلومات لأشخاص ونضعها في شبكات دون أن نطلب الأذن من هؤلاء الأشخاص الذين استعملنا أسماءهم ومعلومات عنهم، وأدخلناها في شبكة الانترنت؟ هل علمنا آباؤنا معنى الحق في الصورة، وكافة المواثيق العربية تؤكد على الحق في الصورة، ولا يحق لأي شخص آخر أن يستخدمها غير صاحبها؟
د . بهجت اليوسف :
هذه الأخلاقيات التي تحدث عنها الدكتور لعياضي ضرورية سواء كانت في القضايا التقنية، أو خارجها . الدكتورة ريما طرحت موضوع مهم وهو الإرهاب الالكتروني، والظاهرة الموجودة بين الفتيات في مجتمع الإمارات، أنهن يتنكرن حينما يذهبن إلى الفيسبوك، ولا يذكرن أسماءهن الأصلية، لكن فقط يذكرون أسماء مستعارة، خوفاً من الإرهاب الالكتروني، ولا يمكن لهن نشر صورهن الشخصية، لأنهن ليس لديهن ثقة في من يستخدمها، وهذه يمكن أن تكون إيجابية أو سلبية، لكن كل فرد قادر على فرز الصواب من الخطأ .
د . عبدالله التميمي :
جيد أن نضع أيدينا على السلبيات وأن نقر بوجودها، ونطالب بإيجاد ثقافة لأبنائنا، وأن هذه وسيلة فيها الخير والشر، وتستخدم في هذين الإطارين . السلبيات التي يمكن أن نلاحظها اليوم، هي أن التكنولوجيا كرست العزلة بين الشعوب وبين الأفراد داخل الأسرة الواحدة، فاليوم كل شاب وكل فتاة داخل غرفة مع الكمبيوتر المحمول، وكشعوب عربية هاجمتنا هذه التقنية وأحدثت حالة من الذوبان الثقافي، فشعوبنا وشبابنا غير محصنين ثقافياً، وبالتالي دخلت علينا هذه التقنية وأحدثت ذوباناً في العادات والتقاليد، وقبل قليل كنا نتحدث عن بعض السلبيات الموجودة داخل مجتمعاتنا اليوم، وهي أتت من التقنية والتكنولوجيا وشبكات الانترنت التي نتعامل معها . موضوع اللغة الركيكة التي نستخدمها في شبكة الانترنت، لا أقول إنها ركيكة بل أقول بذيئة وهي تستخدم اليوم في الكثير من المواقع الالكترونية .
المشاركون
* د . السيد بخيت :
أستاذ الاتصال الجماهيري في جامعة الشارقة
* حمدة عتيق :
سنة أولى إعلام، كلية دبي التقنية للطالبات .
* رشا مرتضى :
باحث مشارك في كلية دبي للإدارة الحكومية .
* د . ريما الصبان :
أستاذ مساعد في جامعة زايد .
* د . سامح خميس:
تخصص علم نفس تربوي في جامعة عجمان .
* د . عبدالله التميمي :
أستاذ الإعلام في كلية المعلومات والإعلام بجامعة عجمان .
* د . عبد الوهاب بو خنوفة:
أستاذ الاتصال الجماهيري في جامعة الشارقة
* لمياء المعلا :
سنة ثالثة، كلية دبي التقنية للطالبات .
* معتصم الحمدان :
مدرس كمبيوتر- كلية المجتمع، جامعة الشارقة .
* د . نصر الدين لعياضي :
أستاذ الاتصال الجماهيري في جامعة الشارقة
التوصيات
1- التأكيد على دور الأسرة والمدرسة في عملية تمكين الشباب بالتكنولوجيا .
2- أهمية توفير الرقابة الأسرية، وفتح حوار جيلي في القضايا التكنولوجية بين الآباء والأبناء .
3- تعليم الشباب أخلاقيات استخدام التكنولوجيا .
4- تفعيل دور وسائل الإعلام وتبيان أضرار استخدام الكمبيوتر لساعات طويلة، والتركيز على المحتوى التكنولوجي، وليس تقديم كل ما هو جديد .
5- عدم حظر التكنولوجيا عن الشباب، وإنما تأهيلهم جيداً للتعامل الإيجابي مع التكنولوجيا، وتوظيفها في خدمة إمكاناتهم وطموحاتهم .
6- توعية جيل الشباب وجعله قادراً على التعبير عن وجهات نظره، وقادراً أيضاً على فرز الصواب من الخطأ .
7- محو الأمية الالكترونية، عبر تخصيص دورات تنشئة لكافة الأجيال، بما في ذلك الكبار، لضمان التواصل الجيلي والتفاعل مع التكنولوجيا، في سبيل ترشيدها لدى الشباب، وتبيان المخاطر الناتجة عن الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا .
منقول للفائدة